حبيبتى ..
اسمحى لى ان استخدم لقب حبيبتى لآخر مرة ، و أنا أخط إليكى هذه الرساله ، الذى ربما لن أرسله إليك ابدا .. اسمحى لى ان اخاطبك ، ولاخر مرة ، باعتبارك الزهرة ، التى تفتحت فى قلبى ، و أينعت فى كيانى ، و منحتنى أجمل و اعظم و امتع سنوات عمرى ..
لست ادرى حتى و انا اجلس امام جهازى الآن لماذا أكتب لك رسالتى هذه بعد ان لفظ حبك لى انفاسه الأخيرة و لكن ربما لا اكتبه لك ، و لكن لنفسى ..
نفسى التى ألومها الف مرة فى كل لحظه لأنها حتما السبب فى تحول مشاعرك عنى ، و انصرافها الى غيرى ..
فعندما غزل الحب خيوط عشقك فى قلبى ، شعرت به ينبض لأول مرة فى حياتى ..
ينبض نبضا حقيقيا ، له نغمات أعذب موسيقى سرت فى وجدانى ، منذ تفتحت عيناى على الدنيا ، و ادركت لحظتها اننى لم احب قط قبل ان ألتقيك ، و لم اعشق ابدا قبل ان تقع عيناى على وجهك الهادىء الصبوح و ابتسامتك المشرقة و بساطتك الرائعة التى خلبت لبى منذ اللحظه الأولى ..
و كم كانت فرحتى و سعادتى عندما ادركت انك تبادليننى حبا بحب ..
بل و كنت أكثر منى حبا و أطهر نفسا و اغزر مشاعرا ..
و الأهم انك كنت الأكثر عطاءً و تفانيا ..
و هنا تكمن المشكلة ..
فطوال حياتى اعتدت ان اعطى اكثر مما آخذ و لكن معك انقلب الحال و اختلف و لست ادرى حتى كيف ...
فجأة و جدت نفسى أنهل منك أكثر مما أعطيك و ظللت انت تعطين دون حساب و دون انتظار ادنى مقابل مما اصابنى بطمع لم آلفه و رحت آخذ منك أكثر ..
و أكثر ..
و أكثر ..
و ظللت تعطين .. و تعطين .. و تعطين ..
و مع الوقت اعتدت عطاءك و اعتدت طمعى و شراهتى ..
و حتما جاءت لحظة الأنكسار ..
و رويدا رويدا رحت تبتعدين عنى ..
كنت مازلت تعطين بلا تقطير ..
و كنت انهل بلا حساب ..
عطاؤك لم يختلف و لكن مشاعرك تباعدت ..
و تباعدت ..
و تباعدت ..
و عندما انتبهت الى هذا ، كان الأوان قد فات ...
عندما انتبهت كان قلبك قد مل انانيتى و اسرافى فى الأخذ و كان عقلك قد ارهقته متاعبى و مشاكلى المتصلة و كان حبى قد تسلل خارج قلبك حتى لم تعد نفسك تحتمله و لم يعد كيانك يرغبه ..
أنانيتى و ثقتى المفرطة فى حبك لى منعانى من الأنتباه الى ما يمكن ان يولده هذا او يفعله بقلب مرهف رقيق كقلبك ..
فها نحن ذا قد ابتعدنا ..
ابتعدنا طويلا ..
و كثيرا ..
و ربما كنت اتصور ايامها ان حبنا حقيقة ثابته راسخه ، و انه حتى النوائب و الزمن لن يمكنهما النيل منه ..
و لكننى كنت واهما ..
لقد حاول قلبى ان يقاوم ..
و يقاوم ..
و يقاوم هذا البعد ..
ذلك التجاهل ..
الحب هو هو الدافع الوحيد فى الدنيا الذى يجعلك ترضين بسعادة من تحبين و تسعين إليها حتى لو كان فيها حزنك انت ..
و ألمك ..
وعذابك ..
العقل يدرك هذا ..
و لكن القلب يتمزق لمعرفته ..
و هكذا ترتفع الأسوار بيننا رويدا رويدا
لطالما كان كل ما ارجوه هو سعادتك ..
و هناؤك ..
ومستقبلك ..
و قد أبلغتك من قبل انك لست مدينة لى بأى شىء ..
حتى المشاعر ..
بعدك عنى يكاد يكون اشبه بخنجر انغرس فى اعمق اعماق قلبى بمنتهى منتهى القسوة ..
و بينما قلبى ينزف ألما ، حاولت جاهدا ان اتحدث اليك بهدوء و رصانة و خفوت و قلبى يصرخ و ينتحب و يبكى بدموع من حمم ملتهبة ، تسرى فى عروقى كألف الف نار لتشتعل كل ذرة من كيانى و تدمر كل لمحة من وجودى ..
فافترقنا ..
افترقنا و كيانى ممزق بين عقل يدرك ان هذا حقك و لا احد فى الكون يمكنه منازعتك فيه فأنتى قلب متفتح و نفس طاهرة و حنان يكفى لأسعاد الدنيا كلها و مشاعر نادرة تهفو كل خلية فى الكون الى لمحة منها و روح تدعونى فى إلحاح للقتال من أجلها ، فقط لأحتفظ بك !
و لكن أخيرا انتهى الصراع بين قلبى و عقلى ..
انتهى لأنه لم يعد لدى قلب ..
فعندما تركتينى انتزعتيه معك و لم يعد ينبض كما عهدته ..
لم يعد ينبض لأنه كان ينبض فقط بحبك ، و يخفق فقط من أجلك ..
و بعدك لا يحق له ان ينبض ..
كل ما بقى لى هو عذاب الندم لأننى ضايقتك بأنانيتى و لهفتى و رغبتى العمياء فى قربك منى ..
كنتى دائما الى جانبى بدافع الواجب لا الحب و ما اعظمك ..
من اجل هذا جلست اكتب ما اكتبه ..
انسينى أذن يا حبيبة كل ذرة فى كيانى ..
امضى فى حياتك و لا تلتفتى خلفك لحظة و احدة ...
و سامحينى و اغفرى لى ...
سامحينى على مشاعر سلبتك إياها دون وجه حق ..
سامحينى ..
و لا تنشغلى و لو لوهلة بمشاعرى او حياتى ..
فقد ذابت مشاعرى ..
و لم تعد لى حياة ..
كنت حياتى و حبى و كيانى ووجودى ..
و بعدك صرت مجرد كيان بشرى فارغ ..
جثة هامدة , تمشى على قدمين ..
أصبحت حيا فى عيون الآخرين و ميتا فى واقعى الفعلى ..
و ما اشق الموت ..
حياً .